العصيات اللبنية Lactobacilli هي مجموعة من البكتيريا غير متحركة موجبة الجرام غير مكوّنة للأبواغ (Spores) وتتحمل الأوكسجين جزئيًا (aerotolerant anaerobes) وتنتمي تاريخيًا إلى جنس اللاكتوباسيلس (Lactobacillus) ضمن فصيلة Lactobacillaceae وقد ضمت حتى عام 2020 أكثر من 260 نوعًا قبل أن يُعاد تصنيفها إلى 25 جنسًا جديدًا بناءً على التحليل الجيني الشامل وتُعدّ هذه الكائنات من أهم البكتيريا المفيدة في الجهاز الهضمي وصناعة الألبان لما لها من قدرة على تخمير السكريات وإنتاج حمض اللاكتيك (Lactic Acid) مما يُسهِم في دعم صحة الإنسان وتصنيع الأغذية المخمّرة (Fermented Foods) عبر الحفاظ على التوازن الميكروبي البيئي داخل الجسم. PMC
الخصائص البيولوجية والتركيبية:
- الشكل والمظهر:
- تأخذ العصيات اللبنية شكل قضيب رفيع (عادة 0.5–5 ميكرومتر طولًا) وتكون غير مكوّنة للأبواغ (non-spore-forming) وسلبية للكاثلاز (catalase-negative).
- تتميز بأنها غير متحركة (Non-Motile) مما يجعلها بطيئة التأقلم مع الظروف القاسية. PMC
- التفاعل الكيميائي:
- تقوم العصيات اللبنية بتخمير السكريات مثل اللاكتوز (Lactose) والجلوكوز (Glucose) وغيرها عبر التخمير اللاهوائي لتنتج غالبًا حمض اللاكتيك (Lactic Acid) كناتج رئيسي في التخمير المتجانس (Homofermentative) أو إلى جانب منتجات ثانوية مثل حمض الأسيتيك والإيثانول وثاني أكسيد الكربون في التخمير غير المتجانس.
- يعمل حمض اللاكتيك على خفض قيمة الحموضة (pH) في البيئة المحيطة مما يثبط نمو البكتيريا الممرِضة ويسهم في حفظ الأغذية المخمّرة ويمنحها نكهتها المميزة
- القدرة على التكيف:
- تمتلك العصيات اللبنية قدرة استثنائية على تحمّل البيئات الحمضية إذ تستطيع بعض أنواعها العيش في وسط تصل درجة حموضته إلى أقل من 3 (pH<3) وذلك بفضل آليات تكيف دقيقة تشمل نظم ضخ البروتونات (Protons) وإصلاح الحمض النووي وتُساعد هذه الخواص على بقائها في الجهاز الهضمي خاصةً في المعدة والأمعاء كما تُمكّنها من الاستقرار في الأغذية المخمّرة الحمضية مثل الزبادي والجبن.
وظائف العصيات اللبنية:
- في صحة الفم:
- تلعب العصيات اللبنية دورًا محوريًا في توازن الفلورا الفموية (Oral Microbiota) إذ تُستخدم بعض سلالاتها البروبيوتيكية مثل Lactobacillus reuteri وL. rhamnosus للحدّ من نمو بكتريا العقدية الطافرة (Streptococcus mutans) وتعديل البيوفيلم (Biofilm) الفموي مما يُسهم في خفض تعرّض المينا للأحماض وقد أظهرت دراسات متعددة (بنسبة 40–50%) تحسّنًا في مؤشرات التسوس عند استخدام هذه السلالات. PMC
- ومع ذلك فإن الإفراط في بعض الأنواع قد يؤدي إلى زيادة حموضة اللعاب مما يُسهم في تآكل طبقة المينا خاصةً في البيئات الفموية منخفضة التنظيم أو عند غياب التوازن الميكروبي
- في الجهاز الهضمي:
- تُعدّ العصيات اللبنية جزءًا أساسيًا من البروبيوتيك (Probiotics) المستخدمة لتحسين صحة الجهاز الهضمي وتعزيز المناعة وتعمل على تحسين امتصاص العناصر الغذائية وتقليل خطر الإصابة بالتهابات الأمعاء واضطرابات الهضم.
- وتشير مراجعات سريرية إلى تحسّن بنسبة تتراوح بين 60–70% في أعراض متلازمة القولون العصبي (Irritable Bowel Syndrome) بعد استخدام تركيبات بروبيوتيك تحتوي على سلالات متعددة من العصيات اللبنية لمدة 4–8 أسابيع.
- في صناعة الغذاء:
- تدخل في تصنيع الزبادي والجبن والكفير (Kefir) والملفوف المخلل مع إضافة نكهة مميزة وتركيب غذائي غني بفيتامينات B والبيوفينولات.
- في الطب الحديث:
- يتم استخدام العصيات اللبنية كعلاج داعم ومساعد في حالات علاج التهاب المهبل والبواسير والتهاب الأمعاء التقرحي في بعض البروتوكولات الداعمة للعلاج التقليدي مع ضرورة الحذر في المناعة المنخفضة.
أهميتها في طب الأسنان وصحة الفم:
في سياق طب الأسنان وصحة الفم تعتبر العصيات اللبنية سلاحًا ذا حدين بسبب دورها المزدوج في تحسين أو تدهور صحة الفم فـ على سبيل المثال:
- الدور الإيجابي:
- تساعد بعض أنواع العصيات اللبنية في تقليل نمو البكتيريا الضارة المرتبطة بتسوس الأسنان من خلال تخفيض درجة الحموضة (pH) وتثبيط نموها.
- تُستخدم أيضًا في تطوير منتجات بيوميمية (Biomimetic Products) لتحفيز إعادة التمعدن (Remineralization) للأسنان ومنع تسوس الأسنان.
- الدور السلبي:
- بعض أنواع العصيات اللبنية مثل Lactobacillus acidophilus يمكن أن تساهم في تسوس الأسنان إذا زادت عن الحد الطبيعي حيث تنتج الأحماض التي تسبب تآكل المينا وتدمير بنية الأسنان.
الأرقام والبيانات العلمية:
- عدد الأنواع: هناك أكثر من 260 نوع معروف من العصيات اللبنية وكل نوع له وظائف محددة في البيئات المختلفة. PMC
- فعالية البروبيوتيك: تشير الدراسات إلى أن استخدام البروبيوتيك الذي يحتوي على العصيات اللبنية يحسن صحة الجهاز الهضمي بنسبة كبيرة.
- تأثيرها على تسوس الأسنان: تُسهم العصيات اللبنية في تطور تسوس الأسنان وقد تظهر زيادتها في الفم بالتزامن مع حوالي 40-50% من حالات التسوس المتقدمة.
- التطبيقات الصناعية: ليست هناك دراسة موثوقة ولكن تشير التقديرات بأنها تُستخدم العصيات اللبنية في حوالي 70% من الأغذية المخمرة حول العالم مما يجعلها واحدة من أهم البكتيريا في صناعة الأغذية.
توضيح بعض المصطلحات:
- موجبة الجرام (Gram-positive): نوع من البكتيريا يتميز بوجود جدار خلوي سميك يصبغ بلون معين عند اختباره في المختبر.
- غير مكوّنة للأبواغ (Non-spore-forming): بكتيريا لا تستطيع تكوين غلاف واقٍ حول نفسها (أبواغ) لتحمل الظروف القاسية مما يجعلها أقل مقاومة.
- تتحمل الأوكسجين جزئيًا (Aerotolerant): بكتيريا لا تحتاج الأوكسجين لتعيش لكنها تستطيع تحمل وجوده حولها دون أن تتضرر.
- جنس اللاكتوباسيلس (Lactobacillus): هو الاسم العلمي للمجموعة الكبيرة من البكتيريا التي تنتمي إليها العصيات اللبنية.
- حمض اللاكتيك (Lactic Acid): حمض عضوي تنتجه العصيات اللبنية من تخمير السكريات وهو المسؤول عن الطعم الحامض في الزبادي.
- التوازن الميكروبي البيئي (Microbial Ecological Balance): الحالة التي تكون فيها البكتيريا المفيدة والضارة في الجسم متوازنة بحيث لا يسيطر أحدها على الآخر.
- سلبية للكاثلاز (Catalase-negative): اختبار معملي يوضح أن هذه البكتيريا لا تنتج إنزيم “الكاثلاز” وهذا يميزها عن أنواع بكتيريا أخرى.
- ضخ البروتونات (Proton Pumps): آليات داخل خلايا البكتيريا تساعدها على طرد المواد الحمضية الزائدة من داخلها لتتحمل البيئات الحامضية.
- بكتريا العقدية الطافرة (Streptococcus mutans): نوع من البكتيريا معروف بأنه أحد الأسباب الرئيسية لبدء تسوس الأسنان.
- البيوفيلم الفموي (Oral Biofilm): طبقة رقيقة من البكتيريا والمواد اللزجة تتكون على سطح الأسنان (مثل البلاك).
- منتجات بيوميمية (Biomimetic Products): منتجات مصممة لتقليد العمليات أو المواد الطبيعية في الجسم.
- إعادة التمعدن (Remineralization): عملية استعادة المعادن المفقودة إلى الأسنان (المينا) لإعادة تقويتها وإصلاح الضرر المبكر.
بــبسـاطـة: العصيات اللبنية هي “جنود دقيقة” تشتغل لحمايتك من البكتيريا الضارة — فـ تخيل إنك بتضيف بكتيريا نافعة لجسمك ولطعامك عشان تحمي نفسك وتستفيد منها لأن هذه العصيات “تلتهم” السكريات وتحولها إلى حمض اللاكتيك اللي يخلي الوسط حامضي شوية فيوقف نمو البكتيريا الضارة ويعطي طعم مرطب وكريمي للأغذية ← وعشان تعرف أهميتها لأن وجودها يحافظ على توازن البيئة اللي تعيش فيها ← ولكن لو زاد عدد الجنود تبدأ المشاكل! لأن الحموضة الزائدة ممكن تأثر على مينا الأسنان وتحفرها شوي — وبكذا نقدر نقول أن اللبنية مثل “حارس البيت الحامض اللطيف”: يحميك من المتطفلين بس لو بالغ في الحراسة يضغط على الجدران! ッ